من قال أنه يجب أن تكون فاحش الثراء كأبراموفيتش لتقوم برحلة سفر باذخة وتستمتع؟ أبحر جيريمي لازيل وعائلته للجزر الأيونية اليونانية على غرار الأوديسة.
أتخيل لبرهة بأنني أنتمي للأوليغارشية الروسية. متجولاً في نزهة باليخت الفاخر خاصتي، وأقود إلى الشاطئ لتناول الكوكتيلات والكالاماري، وأقوم بتأمين صفقات خط الأنانبيب بينما يُعد الموظفين مشروباتي. ولكن المشكلة أنني لا أمتلك يختًا فاخرًا كبيرًا، ولا أقدر على إجراء صفقات خطوط أنابيب، كل ما لدي هو توسع في حسابي المكشوف و27 عامًا من الرهن. ولكن حدث مؤخرًا شيء ما غير كل ذلك. أولها، توفيت أمي وتركت لنا بعض المال، مكنني هذا المال من سداد الأموال التي سحبتها بدون رصيد وذكرني وفاتها بأن الحياة قصيرة جدًا “ماذا يجب عليّ أن أفعل؟” وثانيها، أن صديقي المولع بالقوارب أخبرني عن أرجنتوس- يخت مكون من أربع مقصورات، وبطول 20 مترًا ويرسو في الجزر اليونانية، يخت رائع لا هو باليخت المكشوف البسيط ولا يخت أبراموفيتش متعدد الطوابق الفخم والعملاق، بل هو مزيج من هذا وذاك. لقد كان حلمًا بعيد المنال بالنسبة لي أن أبحر بين الجزر في يختٍ فاخر خاص، لذلك أعددنا حساباتنا وفكرنا جيدًا بشأن كل شئ، وأقنعنا أنفسنا بأن هذا ما كانت أمي لترغب به، وحلقنا جميعًا مباشرة إلى كورفو.
وصلنا إلى فندق كورفو إمبريال جريكوتل، ثم اصطحبنا ربان القارب من شاطئ الفندق سريعًا في قارب سريع صغير والذي عاد أدراجه بعد ذلك بسرعة البرق كشئ خرج من ثانربيردز متوجهًا إلى – على القارئين الذين يأملون في زيادة مفرادتهم اللغوية عن اليخوت أن يصرفوا نظرهم الآن – قارب أرجينتوس. بينما نشق الخليج بسرعة بالقارب، حدق صغيري البالغ 11 عامًا إلي القارب المُبحر الذي يتألق ويلمع مثل سيارة أستون مارتن بين أسطول من سيارات تاربانت. وقال وقد علت وجهه ابتسامة عريضة وفرح بالغ “من المؤكد أن الناس سيعتقدون بأننا فاحشو الثراء”.

أحد كبار السن المحليين يتفقد واجهة الميناء من نافذة الطابق الأول في جايوس، باكسوس
وعند صعودنا على ظهر اليخت، صارت ابتسامته أكبر وفرحته عارمة. ولم يكن الأطفال فقط من شعروا بالسعادة. في الأعلى (على سطح اليخت)، تبدو المنطقة وراء عجلة القيادة (الدفة؟) مثل منطقة استرخاء مخصصة لكبار الزوار في نادي ليلي في إيبيزا، حيث الأرائك المكسوة بألواح رمادية وجلسنا على الفور لتناول مشروب. وأكثر من ذلك، تتدلى أرجوحة شبكية رائعة شبيهه بالقوس بين الصاري الذي يبلغ ارتفاعه 27 متر والشراع. كان جزءًا مني مشغولاً بالتفكير في الخراب الذي سيُلحقه أطفالي بالديكور الأصلي الأنيق؛ وجزء آخر سعيدًا بارتشاف المشروب الترحيبي الذي قدمه لنا مضيفنا جوي.
لأنه وعلى الرغم من تكاليف أرجينتوس التي لا تقل عن ضعف أسعار اليخوت المبحرة المستأجرة في البحر الأبيض المتوسط (والتي يُطلب منك فيها، دون سابق اتفاق أو وعد، أن تطهو للبحار)، فإن أرجينتوس كذلك يتوفر عليه المضيف السابق ذكره، الذي يطهو، وينظف، ويُرتب غرفتك، ويرتب سريرك وعمومًا يُدللك في حياة الترف التي تعيشها على القارب بعيدًا عن حياتك السابقة. ” ما الوقت الذي تُفضل فيه تناول الكانابيه؟” سألنا جوي بينما نقفز على الأرائك ونضحك.
خطة الرحلة هي الإبحار خمسة أيام حول جزيرتي باكسوس وانتيباكسوس، برفقة تشارلي، مرشد جمعية اليخوت الملكية، ويسمح لنا بالمساعدة أو – في حالتنا – دعونا نقول وقتما نحب أن نساعد؛ حسب الحالة المزاجية. قبل العودة، التقطت صورة لأولادي الثلاثة وهم يشدون الحبال وتسلقون بجدٍ على حبال الصاري والشراع، وينظرون إلى الأفق وبدوا كالرجال أمام ناظري. وعلى الرغم من ذلك، لم يمضي سوى 20 دقيقة من إبحارنا الأول عبر قناة كورفو، واختفى الثلاثة في الأسفل ليشاهدوا DVD (مشغل أقراص الفيديو الرقمية). تساءلت أنا وزوجتى لسبع ثوان إن كنا نحلم، ثم تمددنا لنغوص في الأرائك الوثيرة ونظرنا إلى الأمواج.
“في السادسة صباحًا دفعت المبلغ وصعدت للسطح. المشهد كان مسليًا للغاية.“
كانت هذه الأمسية استثنائية. حيث أنزلنا المرساة على بعد ساعتين من مدينة كورفو في خليجٍ منعزل. لعبنا الأنو أثناء تناول الكانابيه، وأعد لنا جوي عشاءً لذيذًا وقدمه على سطح القارب، ويهب نسيم البحر الدافئ على انعكاس النجوم الفي البحر. نحن نعيش حلم العطلة العائلية. ولكن المشكلة أننا نقضي الوقت على قارب. لا أنكر أنه قاربٌ رائعٌ حقًا. ونعم، السرير في مقصورتنا الرئيسية أكبر من سريرنا المزدوج في المنزل. ولكنه يظل قارب. يهتز ويُصدر صريرًا وتوقظني الضوضاء المحيطة الصادرة من الجناح الخاص. حوالي الساعة الرابعة صباحًا، شعرت وأن الـ 13000 دولار مبلغ ضخم لأنفقه على أسبوع بدون نوم، وثلاثة أطفال يفضلون مشاهدة أفلام هاري بوتر أكثر من تعلم الإبحار.
في السادسة صباحًا دفعت المبلغ وصعدت للسطح. المشهد كان مسليًا للغاية، مثل جزر العذراء البريطانية حوالي عام 1950. كنا بمفردنا على جزيرة صخيرة غير مأهولة، نرى المياه أسلفنا راكدة كسطح زجاج مصقول، وكان مظهر الحياة الوحيد هو زوج من طيور النورس يلمع ريشها بلون وردي في أشعة الشمس المنبسطة في الأفق وقت الشروق. اتجهت لمؤخرة القارب وغطست في المياه، كان وقت الشروق على مياه البحر المتوسط، وها أنا أسبح بمفردي حول القارب، قاربي. وعندما عدت أدراجي إلى القارب وجدت أنه يستحيل تذكر لم كنت حاد الطبع للغاية الليلة الماضية.

شاطئ إريميتيز على الساحل الغربي لباكسوس؛
إنها بداية ما يمكن أن نعده أفضل يوم في حياة هذه العائلة.ت كانت الخطة الأصلية للرحلة أن نُبحر لثلاث أو أربع ساعات في اتجاه باكسوس، ولكن اقترح علينا شاري أن نبقى ونلعب بدلاً عن ذلك، حيث شعر بأننا أقل كثيرًا في شغف الإبحار (مثل ألان ماك أرثر) من عملاء أرجينتسون الآخرين. ولأنه له قارب سريع صغير خاص به، يوجد على أرجينتسون العديد من ألعاب الرياضات المائية، أكثر مما يُمكنك التقاط صورة له بكاميرا السيلفي. ظل الأولاد طوال اليوم يغوصون بأنبوب تنفس، ويتزلجون على الماء يحركهم الريح، ويجدفون على الألواح، ويتزلجون على الماء، ويقفزون على الصخور ويصرخون بينما يندفعون سريعًا خلف القارب السريع على الإطارات القابلة للنفخ.
في هذه الليلة، أخذنا شارلي بالقارب السريع إلى سيفوتا، مدينة ساحلية جميلة على البر الرئيسي وبها عدد قليل من الحانات وجيوش من الكلاب والقطط الشاردة الودودة. تناولنا مأدبة رائعة من الكاليماري والكلفيتيكو، ونأكل السمك الذي نصطاده من رصيف الميناء بين الوجبات، ونحتسي المشروبات في هواء الليل المنعش اللطيف بينما يلعق الأولاد الأيس كريم وهم يحتضنون القطط بين أذرعهم. قال الصبي ذو الثمان سنوات، الذي يغطي النمش وجناته التي لفحتها الشمس، “أنا أحب اليونان”. كنت أدرك ما يعنيه حرفيًا.
سنُبحر في اليوم التالي إلى باكسوس. أقول أننا “سنبحر” ولكن الإبحار فعليًا ، بصورة جليَّة، سيكون مهمة تشارلي.

طبق من الكاليماري المقلي
أحب أن أعترف بأنني قد وقعت في حب البحر في اليوم السابق، ومن المستحيل إزاحة الأولاد من على الدفَّة، ولكن بما أن هذا قد حدث، فهم على الأرجح تحت سطح اليخت مع هاري بوتر. قال لي ولدي الذي يبلغ 12 عامًا “لن تشاهد المجموعة التي بالصندوق نفسها”. لا يزال جامحًا بسبب فوز الأمس، لذا يستحيل علي أن أغضب منه.
بعد ظهر هذا اليوم أسقطنا المرساة في خليج لاكا ذي اللون الأزرق بصورة لا تصدَّق، الذي يحبه بائعي البطاقات البريدية ومستأجري اليخوت. ركبنا القوارب الشراعية ومارسنا التجديف بالوقوف وأخذنا صور سيلفي، ولكن السحر قد ذهب بشكل ما، حيث اكتظ المكان باليخوت.
ما رأيكم بجولة؟ اقترح علينا تشارلي هذا الاقتراح الرائع. أنزلنا على الشاطئ ثم أخذنا أرجنتوس بطول الشاطئ ليوصلنا إلى القرية التالية، لونغوس، حيث سلكنا طريقًا للحمير تفوح به رائحة الزعتر بين الشواطئ والطواحين المائية المهجورة وبساتين الزيتون والمنحدرات. لا أقول أنه لم يكن هناك أي أنين، ولكن بين الهمهمات كان الأولاد يطاردون الصراصير ويضربون الماعز ويلعبون ماركو بولو في المياه الضحلة على شاطئ ماناديندري. شعرنا وكأننا كنا نتجول في طريق سياحي لنلقي نظرة على اليونان التي لم يرها سوى القليل من الناس.
الشيء الذي لم نعرفه على متن أرجنتوس، هو أننا اكتشفنا أن المشي بسرعة 6 على مقياس الرياح يضمن طقسًا جيدًا. ولكن ما يعتبر خسارة للخطة أ (ما كنا نهدف إليه من خليج فوتومي في أنتيباكسوس) هو مكسب للخطة ب حيث حولنا مسارنا إلى بورتو أوزياس، إلى حانة بمدخل واحد في الطرف الشرقي لباكسوس. وحيث أن المدخل هادئًا للغاية وخالي من القوارب على غير المتوقَّع فهو ملاذ من العاصفة خالي من الرياح على نحو رائع. ركبنا القوارب الشراعية وتزلجنا على الماء وتشمَّسنا وقرأنا لساعات وفي النهاية أبحرنا لتناول العشاء في المدينة الرئيسية بباكسوس، جايوس، حيث لعب أولادنا كرة القدم على الحصى أسفل الكنيسة.
“إنه فيلا يقدم بها الطعام ومنزل فاخر متنقِّل ومنتجع سياحي جميعًا في مكان واحد“
حتى الآن، يبدو كصور على الانستغرام، ولكن ألن تحصل على نفس الذكريات -بنصف الثمن-بتأجير يخت مكشوف عادي ؟ حسنا، في الحقيقة لا، لسبب واحد هو أن أسعار تأجير هذه اليخوت العادية قد تكون أحيانًا قارب بسرعة قليلية لنقلك بين المركب والميناء، ولكنها لا تتمتع على الإطلاق بالقوة الحصانية الكافية لسحب مزلجة مائية أو لوح التزلج على الماء. عدم وجود رياضات مائية واليخت – بالنسبة للأطفال – ما هو إلا سجن طافي.

يصل غروب الشمس الفجوة بين كورفو وجزيرة سيفوتا.
ولكن الأكثر من ذلك، هو أن أرجنتوس يجعلك تشعر كأنك ملِك. هذا بصورة جزئية حيث الخطوط الملساء وسطح اليخت من خشب الساج والصاري الشاهق. وعندما وصلنا لجايوس، خرج الناس من قواربهم (ووضعوا شارات وكالات التأجير) من أجل مظهر أفضل. ولكنها الخدمة أيضًا: يعتبر تأجير اليخوت دون الخدمات الإضافية أمرًا شاقًا. تطبخ بنفسك وتنظف بنفسك وتسحب الحبال: إنه أمر ممتع، ولكنك ستحتاج إلى أجازة بعد ذلك. مع وجود جوي أسفل سطح اليخت وتشارلي على الدفة فالبصمة الوحيدة التي ستتركها في أرجنتوس هي بصمة إصبع الخنصر على مشروبك. إنا فيلا يقدّم بها الطعام ومنزل فاخر متنقِّل ومنتجع رياضي جميعًا في مكان واحد.
وفي يومنا الأخير أبحرنا إلى مرسى جوفيا في كورفو، جلسنا نحن الخمسة صامتين على ظهر اليخت في حداد مُسبَق. قال جوي “ليس عليك إلا أن تأتي في الصيف القادم” . نعم، هذا صحيح. بتكلفة تصل إلى 13,000 دولار أسبوعيًا، ودون أن يبدوا أن هناك أي ميراث يلوح في الأُفق، ليس من قبلنا”على الأرجح. ومع ذلك كان هناك أوقات في هذا الرحلة- حيث ركبنا القوارب الشراعية في ذاك الخليج المهجور ولعبنا الورق على سطح اليخت- حيث شعرنا بأننا مدللين حقا للغاية ومميزين جدًا، وأيقنت أنها كانت رحلة تستحق كل قرش.
وبعد مرور عام، أضاف مالكو أرجنتوس ثلاث يخوت فاخرة إضافية إلى أسطولهم. أحدهما، أوروس، وهو طوف قطمران به خمسة مقصورات ومنصة بهلوان وتراسًا شمسيًا. هل تريد أي نصيحة؟ انتهز الفرصة قبل أن يدخل أطفالي على منصة البهلون تلك؟
المصدر: The Sunday Times Travel Magazine / تراخيص إخبارية
أتفكر في السفر؟ للحجز في رحلة، يُرجى الاتصال بالرقم 6666 316 4 971+ أو زيارة الموقع visit dnatatravel.com