في أعماق البحر الأزرق في جزر المالديف تشعر حبيبة عزب بالهدوء وتفتتنها روعة الكائنات الجذابة اللطيفة في المحيط
فوق سطح البحر، بدا البحر مظلمًا ومتقلبًا بينما تتساقط قطرات المطر على سطحه الخارجي اللامع. وتحت سطحه، كان هناك سكون واتساع وصمت. شعرت بساقيَ يفقدان حركتهما الحماسية أثناء اندفاعي بين الموجة والآخرى. .ولا أرى شيئًا حتى الآن. مع أن عيناي مفتوحة، ثم مسحت الماء ولكن كل ما استطعت رؤيته كان امتدادًا لا نهاية له من الموجات المرتطمة التي يتردد صداها الذي غطى على صوتي.
منذ يومين، بدأتُ رحلتي الأولى إلى جزر المالديف. أثناء الطيران شرقًا عبر المحيط الهندي، نظرت من نوافذ الطائرة وتعجبت من السرعة التي تخطف بها السحب النظر من البحار الزرقاء الشاسعة البديعة. عندما تلوح الجزيرة في الأفق، شعرت بأن هناك عدد كبير من الظلال تحتها؛ أهو زمرد متناثر، أم هو لون أزرق سماوي في بعضها الآخر، أم ظلال زرقاء؟ بدا المحيط كمزيج من القمم والوديان، مملوءًا ببقع رملية بيضاء وحدود مميِزة للشُعب المرجانية الحية. مرت بضع ساعات وكنت احتفظ بقصاصات عن هذا البلد بالفعل.
وبينما كنت لا أتمالك نفسي من الإعجاب والدهشة، بدأت الطائرة المائية في الهبوط سريعًا وكان الجميع فرحين بالهبوط حتى هبطنا عند نقطة توقف رائعة عند الرصيف. كنتُ أسمع صوت الطبول الهامس من بعيد، وبعد رحلة قصيرة بالقارب،قابلتنا وجوه تعلوها ابتسامات جميلة وهتافات مالديفية ساحرة في فيلات أنانتارا كيهافا مالديفز.
هذه اللحظات قلما تحدث أكثر من مرة في حياتنا حين تجد الكليشيهات، حيث كان بالمنتجع كل شيء كنت أتخيله في جزر المالديف؛ مساحات شاسعة من الرمال البيضاء الناصعة، وسماء زرقاء ملفوفة كدوائر القطن وصفوف من الأكواخ تحيط بها المياه وتبدو كظلل متأنقة تنعكس من المياه الفيروزية. وبدا الأمر وكأنه مرشح لصور Instagram تراه على الحقيقة. وكان من السهل أن نعرف لماذا قضى الناس عطلاتٍ كاملةٍ في شرنقة في هذا المكان المريح.عندما وقعت عيناي على أسرّة نهارية متأرجحة ومسبح كبير من الرخام وحمام خارجي يتفوق على جميع الحمامات الأخرى. بعد لحظات من وجودي في هذا المكان، كان يصعب علي المغادرة بعيدًا عن مفاتنه المريحة ثم انطلقت إلى الشاطئ بينما أشعة الشمس الساطعة تغمر البحر بظلالها المذهلة ذات اللون البرتقالي، وتلتقط من عقلك بطاقة بريدية لتقضي به سنوات قادمة.
وقيل لي في وقت سابق أن أفضل ما في جزر المالديف هو أهله. فقد ظهر منهم الود والطيبة وحسن الضيافة بشكل طبيعي، وأصابني سحر معاملتهم الكريمة. ورحب بي صديقي الجديد مالديف (نعم، كان اسمه الحقيقي مالديف) بكل سرور قائلًا بلغته “Haalu kihineh؟“ وتعني: (كيف حالك؟)، وفي كل صباح وأنا أركب دراجتي ذاهبًا لتناول الإفطار، تغمرني البهجة والسعادة. ولم أرَ في حياتي موظفي فندق بالكامل محبين لوظائفهم بهذا القدر مثل موظفي أنانتارا كيهافا. حقًا فإنهم كمن يعيش في الجنة وهكذا يكون تعاملهم. يعملون بسرعة خاطفة، ولا ينسون أبدًا أسماء الضيوف، وأفضل مشروباتي منهم كوب من عصير البرتقال في الصباح الباكر. وحين صب لي النادل كوب عصير طازج عند البحر، لم يسعني إلا أن أشكره بابتسامة. لكن سبب سعادتي الحقيقي أن سمكة الببغاء التي تحمل ألوان قوس قزح على شكل خطوط كانت تصطدم بأنفها على نافذتي. هذا المطعم الذي صُوت له كأفضل مطعم تحت الماء في العالم لمدة أربع سنوات على التوالي وهو يشبه حوض السمك، يقدم تجربة طعام فريدة من نوعها لدرجة أنك قد لا تعرف ما إذا كانت الأسماك التي تسبح بجانبك معروضة في اتجاهك أم الاتجاه الآخر. وبينما كنت أنتظر وصول وجبتي الشهية، لاحظت تحالفًا غريبًا بين سلحفاة بحرية وسمك قرش ليموني صغير بجانبه. وقد أصابتنا جميعًا الدهشة حينما تابعنا عرض مضايقة بعضهم بعضًا خلف الجدار الزجاجي المنحني. وقالت أنيكا بجوركا، مديرة السبا والعافية والترفيه، وهي متحمسة “أنتم محظوظون للغاية، إنها مناسبة نادرة حين ترون سلحفاة بحرية وسمك قرش في نفس الوقت”.

استرخ في فيلا حمام السباحة الخاصة بك
وهناك شيء تأملي حول جزر المالديف: أهي روعة ملايين النجوم المتلألئة التي تكتسي بها سماء منتصف الليل، أم فرحة النسيم البارد أم المفاجأة السعيدة عند رؤية حيوانات كأبو بريص أو السلطعون الذي يرجع سريعًا إلى ملجأه. ليس ذلك فحسب، بل إن جاذبية الجزيرة الحقيقية تكمن في مياهها الزرقاء العميقة وفكرة الغطس لرؤية أسماك مانتا المرجانية جعلني أشعر بالدهشة والإثارة منذ اليوم الأول الذي وصلت فيه. وكنت قد شاهدت ما يكفي من مقاطع الفيديو لهذه المخلوقات الضخمة استعدادًا لهذه الرحلة البحرية التي لا تحدث إلا مرة واحدة في العمر ، وبينما يمضي الوقت حتى تنتهي رحلتنا، لم أستطع الانتظار. حتى أنني لم أشاهد مؤخرًافلجيسون ستاثام، فقد كان كافيًا ليمنعني من وضع علامة على هذه القائمة. بسترة نجاة قوية مربوطة، ركبت على متن القارب وبدأت في رحلة لقرابة 45 دقيقة نحو خليج هانيفارو، وهو أكبر منطقة لتغذية أسماك المانتا الطبيعية في العالم في محمية با أتول حيث تتجمع هذه الكائنات الساحرة في مجموعات مكونة من 150 سمكة أو أكثر بين يونيو وأواخر نوفمبر.
وقال مرشدنا بينما استمر القارب في الاهتزاز جيئة وذهابًا بين المياه المتقلبة:”لا تطاردهم، دعهم يسلكون طريقهم إليك. سمك راي مانتا العملاق مرح وفضولي بطبيعته، لذا لا تفاجأ إذا ابتعدت عن التفاعل، واقتربت بشكل لا يصدق وتمكنت من تجنب التلامس في آخر لحظة”. “إن لديها أكبر نسبة بين الدماغ والجسم من بين جميع أسماك راي مانتا وأسماك القرش، كما
أنها كائنات ذكية للغاية. يقول الكثيرون إنهم قد يشعرون بعلاقة عاطفية كلما كانوا
بقربها”.
وهذا ما أثر في بشدة. ومع ظهور ضجة مفاجئة من الجماهير وصوت صفير، علمت بوصول شيء مبهج. ركضت إلى مقدمة القارب وانضممت إلى مجموعة المتفرجين الذين راقبوا برعب اختفاء جسم سمك راي مانتا في الأعماق بسرعة خاطفة. ثم صاح مرشدنا قائلًا “هيا بنا”. تدافعت على سطح السفينة محاولاً عدم السقوط على زعانفي الضخمة أثناء البحث بشكل محموم في الأرض عن أنبوب التنفس الموضوع في غير مكانه. ثبتُ قناع الوجه ثم قفزت من القارب إلى المحيط الهندي الدافئ وأغرقت وجهي تحت الماء، وكنت على استعداد لبدء رحلة سريعة إلى الأمام.
مرت 15 دقيقة، ثم 25، وبعد 35 دقيقة لا زلت هناك، أمعن النظر في قناع الغطس دون أن أرى شيئًا سوى فراغ مظلم. كنت أعرف أنه مع حظر الحماية الذي تم فرضه مؤخرًا، لم يسمح خليج هانيفارو سوى بخمسة زوارق و80 زائرًا لمدة 45 دقيقة فقط. وبهذه المعلومات التي لم تغب عن ذهني، شعرت كأنني أتسابق مع عقارب الساعة أثناء محاولتي محاربة خيبة الأمل الوشيكة التي بانتظاري.
في هذا الحين تغير كل شيء. فما إن كنت على وشك الاستسلام والخروج إلى القارب، حتى هبط عملاق غارق في الثلج خلف ضباب من الفقاعات. تجمد جسدي لبضع ثوان، وكأن الساعة قد توقفت وأنا تعجبت من جمالها الفاتن. أما الصمت الذي ساد في هذا الوقت عاد علي بالنفع في الاستمتاع بالتجربة وبإمكاني أن أُقسم في تلك اللحظة لم يكن هناك إلا سمكة راي مانتا وأنا بمفردنا في عالم تحت الماء.
دخل هذا الكائن المبهر وبدى حجمه أربعة أضعاف مني وهو على بضع بوصات من أطراف أصابعيفي طقوس رقص مذهلة؛ يتحول وينحرف وينزلق إلى الضباب النيلي دون عائق من الجاذبية. وعلى مقربة من ذيله، ظهرت سمكة مانتا أخرى تتتبع بقع سوداء مغذية من العوالق، وظهر الكثير والكثير منهم حينها اكتشفت أنه يمكنك أن تصيح”يا إلهي” داخل قناع الغطس عدة مرات ولن تغرق.
أتفكر في السفر؟ للحجز في رحلة، يُرجى الاتصال بالرقم 800 DNATA أو زيارة الموقع dnatatravel.com