الليالي الساكنة

WT Writer
Dec 14, 2019
تتمتع‭ ‬فلورنسا‭ ‬بسحر‭ ‬فريد‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬الأيام‭ ‬أقصر‭ ‬وقتًا‭ ‬وأهدأ‭ ‬صخبًا،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬اكتظاظها‭ ‬بالناس‭ ‬في‭ ‬الصيف‭.‬يرحب‭ ‬المتفاني‭ ‬دائمًا‭ ‬أدريان‭ ‬موربي‭ ‬بالشتاء‭ ‬بإحساس‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المتعة…

لقد‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬فلورنسا‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭. ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬مدينة‭ ‬إيطالية‭ ‬أزورها،‭ ‬وهي‭ ‬تمتاز‭ ‬بقباب‭ ‬القرميد‭ ‬المتراكب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأرجاء،‭ ‬وأجراس‭ ‬الكنائس‭ ‬عند‭ ‬الفجر،‭ ‬وبوتشيني‭ ‬في‭ ‬الميادين،‭ ‬والعذراوات‭ ‬المتمايلات‭. ‬لقد‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬شاهدت‭ ‬للتو‭ ‬فيلم‭ ‬A‭ ‬Room‭ ‬with‭ ‬a‭ ‬View؛‭ ‬وقدمت‭ ‬المدينة‭ ‬الأسطورية‭ ‬موطن‭ ‬عائلة‭ ‬ميدتشي‭ ‬ومايكل‭ ‬أنجلو‭ ‬وشركة‭ ‬الإنتاج‭ ‬ميرشانت‭ ‬إيفوري‭ ‬مزيجًا‭ ‬من‭  ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬الضخمة‭ ‬واستوديوهات‭ ‬البوتيغا‭ ‬التوسكانية‭ ‬التي‭ ‬تمتاز‭ ‬بها‭ ‬المدن‭ ‬الصغيرة‭.  ‬لقد‭ ‬وصلت‭ ‬متشبثًا‭ ‬ببطاقة‭ ‬إنتررايل‭ ‬خاصتي،‭ ‬وكان‭ ‬المكان‭ ‬كله‭ ‬يشبه‭ ‬الفيلم‭ ‬تمامًا‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الميادين‭ ‬لم‭  ‬تكن‭ ‬مغمورة‭ ‬بالكماليات‭ ‬المحكمة‭ ‬عند‭ ‬الخصر‭ ‬الملتفة‭ ‬حول‭ ‬مظلات‭ ‬البارسول،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬بالتأكيد‭ ‬المدينة‭ ‬الحالمة‭ ‬المظلمة‭ ‬شديدة‭ ‬الشاعرية‭ ‬التي‭ ‬مكثت‭ ‬فيها‭ ‬لوسي‭ ‬هونيشرش‭ ‬للمؤلف‭ ‬إي‭ ‬إم‭ ‬فورستر‭. ‬لقد‭ ‬فقدت‭ ‬فلورنسا‭ ‬هذا‭ ‬الطابع‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬اللاحقة‭. ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬منزلا‭ ‬بوتيتشيلي‭ ‬وبرونليسكي‭ ‬مشهورين‭ ‬للغاية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬صالحهما،‭ ‬وتكون‭ ‬الشوارع‭ ‬المحيطة‭ ‬بمعرض‭ ‬أوفيزي‭ ‬وجسر‭ ‬بونتي‭ ‬فيكيو‭ ‬شديدة‭ ‬الازدحام‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬حتى‭ ‬أدركت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬هي‭ ‬بالضبط‭ ‬أنني‭: ‬كنت‭ ‬أزور‭ ‬توسكانا‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬وأغسطس‭ ‬فقط‭. ‬كنت‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬لمحة‭ ‬من‭ ‬الحنين‭ ‬إلى‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬أصخب‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬العام‭. ‬لذا،‭ ‬بدأت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬زيارتها‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬أو‭ ‬ديسمبر،‭ ‬تمامًا‭ ‬عند‭ ‬بداية‭ ‬تعليق‭ ‬الزخارف‭ ‬الاحتفالية‭ ‬وهطول‭ ‬المطر‭. ‬فمدينة‭ ‬فلورنسا‭ ‬التي‭ ‬أحبها‭ ‬هي‭ ‬مكان‭ ‬مظلم‭ ‬رطب‭ ‬مليء‭  ‬بالضباب،‭ ‬ولكن‭ ‬يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬ساحر‭ ‬أيضًا‭. ‬

صباح‭ ‬يوم‭ ‬جمعة‭ ‬ملبد‭ ‬بالغيوم‭ ‬

في‭ ‬الساعة‭ ‬6‭ ‬صباحًا،‭ ‬استمتع‭ ‬بقدر‭ ‬استطاعتك‭ ‬بالهرولة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭ ‬الفارغة‭. ‬وستجد‭ ‬في‭ ‬بياتزا‭ ‬ديلا‭ ‬سنيوريا،‭ ‬خارج‭ ‬قصر‭ ‬عائلة‭ ‬ميدتشي‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬للقرن‭ ‬الرابع‭ ‬عشر،‭ ‬أن‭ ‬كراسي‭ ‬المقاهي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬مكدسة‭ ‬ومسلسلة‭ ‬وهناك‭ ‬حمامة‭ ‬نائمة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ديفيد،‭ ‬نسخة‭ ‬طبق‭ ‬الأصل‭ ‬من‭ ‬تحفة‭ ‬مايكل‭ ‬أنجلو‭ ‬بارزة‭ ‬العينين‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬للقرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬المنقولة‭ ‬إلى‭ ‬معرض‭ ‬جاليريا‭ ‬ديل‭ ‬أكاديميا‭.  ‬اتجه‭ ‬لأسفل‭ ‬نحو‭ ‬نهر‭ ‬أرنو‭. ‬وستجد‭ ‬المتاجر‭ ‬الصغير‭ ‬لسوق‭ ‬ميركاتو‭ ‬ديل‭ ‬بورتشلينو‭ (‬mercatodelporcellino‭.‬it‭) ‬مفتوح‭ ‬الجانبين‭ ‬فارغة،‭ ‬فقط‭ ‬تمثال‭ ‬بورتشلينو‭ ‬نفسه‭ ‬يسطع‭ ‬وسط‭ ‬الظلام‭ – ‬يفرك‭ ‬الأشخاص‭ ‬خطم‭ ‬تمثال‭ ‬الخنزير‭ ‬البري‭ ‬هذا‭ ‬المصنوع‭ ‬من‭ ‬البرونز‭ ‬كثيرًا‭ (‬لجلب‭ ‬الحظ‭) ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬فتحتيه‭ ‬تلمعان‭. ‬وعند‭ ‬النهر،‭ ‬تبدو‭ ‬مصابيح‭ ‬الشارع‭ ‬التي‭ ‬تصطف‭ ‬على‭ ‬طوال‭ ‬السدين‭ ‬ككرات‭ ‬ذات‭ ‬ضوء‭ ‬برتقالي‭ ‬فاتح‭ ‬طافية‭ ‬وسط‭ ‬الضباب‭. ‬وستجد‭ ‬جسر‭ ‬بونتي‭ ‬فيكيو‭ ‬فارغًا،‭ ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬متاجر‭ ‬مصوغات‭ ‬الذهب‭ ‬والفضة‭ ‬به‭ ‬مغلقة‭ ‬بالأقفال‭ ‬والقضبان‭ ‬المنيعة‭. ‬إنك‭ ‬بمفردك‭ ‬تمامًا،‭ ‬ربما‭ ‬باستثناء‭ ‬شاحنة‭ ‬توصيل‭ ‬بسائق‭ ‬واحد‭ ‬تمر‭ ‬بك‭.  ‬ويتدفق‭ ‬نهر‭ ‬أرنو‭ ‬مكتسيًا‭ ‬بالسواد‭ ‬وفي‭ ‬صمت‭. ‬

ستجد‭ ‬خارج‭ ‬قاعة‭ ‬بيكاتيو‭ ‬المغلقة،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬حي‭ ‬أولترارنو‭ ‬للنهر،‭ ‬شرفة‭ ‬صغيرة‭ ‬تمتاز‭ ‬بأفضل‭ ‬منظر‭ ‬في‭ ‬فلورنسا‭ ‬بلا‭ ‬منازع،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬حينما‭ ‬تتفرق‭ ‬السماء‭ ‬أعلى‭ ‬الجسر‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬من‭ ‬الأزرق‭ ‬القاتم‭ ‬بين‭ ‬السحب‭ ‬الداكنة‭ ‬المتراجعة‭. ‬تجول‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬أولترارنو‭ ‬وستكون‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬المدينة‭ ‬حيث‭ ‬يعيش‭ ‬سكان‭ ‬فلورنسا‭. ‬ستجد‭ ‬متاجر‭ ‬البيع‭ ‬بالتجزئة‭ ‬الصغيرة‭ ‬وهي‭ ‬تغلق‭ ‬في‭ ‬الظلام،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬سحب‭ ‬صناديق‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬إلى‭ ‬الداخل،‭ ‬والمقاهي‭ ‬تخرج‭ ‬الفوارغ‭ ‬بصخب‭.‬

The Ponte Vecchio in Florence, Tuscany

جسر‭ ‬بونتي‭ ‬فيكيو‭ ‬في‭ ‬فلورنسا،‭ ‬توسكانا

‭ ‬للتمتع‭ ‬بأجواء‭ ‬شاعرية‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬سر‭ ‬أسفل‭ ‬شارع‭ ‬بورجو‭ ‬بينتي‭ ‬الطويل‭ ‬مارًا‭ ‬بالقصور‭ ‬المعتمة‭ ‬التي‭ ‬ترتفع،‭ ‬مثل‭ ‬الوادي‭ ‬الضيق،‭ ‬على‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‭.  ‬تقع‭ “‬المقبرة‭ ‬الإنجليزية‭” ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬الشارع،‭ ‬وسط‭ ‬دائرة‭ ‬من‭ ‬الازدحام‭ ‬المروري‭. ‬ألهمت‭ ‬المقبرة،‭ ‬التي‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬الاسم‭ ‬المستعار‭ “‬جزيرة‭ ‬الموتى‭”‬،‭ ‬الفنان‭ ‬السويسري‭ ‬أرنولد‭ ‬بوكلين‭ (‬الذي‭ ‬دفنت‭ ‬رضيعته‭ ‬هنا‭) ‬برسم‭ ‬لوحته‭ ‬المحتفى‭ ‬به‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬الاسم‭. ‬وهي‭ ‬تتميز‭ ‬بطابع‭ ‬روحاني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شجر‭ ‬السور‭ ‬والأضرحة‭ ‬على‭ ‬طراز‭ ‬العمارة‭ ‬القوطية‭ ‬الحديثة‭ ‬الموجودة‭ ‬بها‭. ‬دفن‭ ‬هنا‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الشاعر‭ ‬والتر‭ ‬سافاج‭ ‬لاندور،‭ ‬والروائية‭ ‬فاني‭ ‬ترولوبي‭ ‬والأمريكي‭ ‬ثيودور‭ ‬باركر‭ ‬المؤيد‭ ‬لإبطال‭ ‬الاسترقاق،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬فاني‭ ‬وو‭ ‬النموذج‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الرفائيلية‭ ‬التي‭ ‬صممت‭ ‬ضريحها‭ ‬بنفسها‭ ‬أثناء‭ ‬احتضارها،‭ ‬ثم‭ ‬نحته‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬زوجها‭ ‬ويليام‭ ‬هولمان‭ ‬هنت‭. ‬ضع‭ ‬كاميراتك‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬يديك‭ ‬لتصوير‭ ‬التماثيل‭ ‬الرخامية‭ ‬للأرامل‭ ‬البائسة،‭ ‬وقابضي‭ ‬الأرواح‭ ‬بالحجم‭ ‬الحقيقي‭ ‬والملائكة‭ ‬المدمعة‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬أمامك‭ ‬وسط‭ ‬الظلام‭. ‬

سوف‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬نشاطك‭ ‬الآن،‭ ‬لذا‭ ‬خذ‭ ‬استراحة‭ ‬لتناول‭ ‬الغذاء‭. ‬اصعد‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الأتوبيس‭ ‬رقم‭ ‬C3‭ ‬العائد‭ ‬إلى‭ ‬جسر‭ ‬بونتي‭ ‬فيكيو‭ ‬وسر‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬نهر‭ ‬أرنو‭ ‬حتى‭ ‬إل‭ ‬بورو‭ (‬الأخ‭ ‬الأكبر‭ ‬للموقع‭ ‬في‭ ‬دبي‭). ‬أسفل‭ ‬الأسقف‭ ‬الجصية،‭ ‬يقطع‭ ‬نادل‭ ‬وحيد‭ ‬شرائح‭ ‬اللحم‭ ‬باستخدام‭ ‬إحدى‭ ‬الآلات‭ ‬الدائرية‭ ‬بطريقة‭ ‬تتسم‭ ‬بحنان‭ ‬المحب‭. ‬جرب‭ ‬لامبردوتو،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬مأكولات‭ ‬الشارع‭ ‬الفلورنسية‭ ‬المطهوة‭ ‬ببطء‭ ‬المقدم‭ ‬مع‭ ‬شطيرة‭ ‬بالطماطم‭ ‬الحارة‭ ‬والصلصة‭ ‬الخضراء‭.   ‬وهو‭ ‬طعام‭ ‬موسمي‭ ‬لذيذ‭: ‬وواحد‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬المباهج‭ ‬في‭ ‬فلورنسا‭ ‬في‭ ‬الخريف‭ ‬وأوائل‭ ‬الشتاء‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭.‬

‭ ‬بعد‭ ‬تناول‭ ‬ما‭ ‬يشبعك‭ ‬من‭ ‬الطعام،‭ ‬اذهب‭ ‬وشاهد‭ ‬متحف‭ ‬موزيو‭ ‬سالفتوري‭ ‬فيراغامو‭ ‬القريب،‭ ‬المتألق‭ ‬في‭ ‬قصره‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭. ‬وهو‭ ‬مليء‭ ‬بالأحذية‭ ‬التي‭ ‬صنعها‭ ‬صانع‭ ‬الأحذية‭ ‬الفلورنسي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نجوم‭ ‬هوليوود‭. ‬يمكنك‭ ‬لمح‭ ‬زوج‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬فلورنسا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬معرض‭ ‬أوفيزي‭ ‬ظاهريًا،‭ ‬والاندهاش‭ ‬مبتهجًا‭ ‬لرؤية‭ ‬الأحذية‭ “‬Creato‭ ‬per‭ ‬Joan‭ ‬Crawford‭”‬،‭ ‬و‭”‬Creato‭ ‬per‭ ‬Rudolph‭ ‬Valentino‭”‬،‭ ‬وCreato‭ ‬per‭ ‬Mary‭ ‬Pickford‭”. ‬وربما‭ ‬تتبع‭ ‬الزوج‭ ‬مارًا‭ ‬بالمهندسين‭ ‬الذين‭ ‬يعلقون‭ ‬أضواء‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬المعتمة‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬بياتزا‭ ‬دي‭ ‬سانتا‭ ‬ترينتا‭. ‬وهما‭ ‬يرتعشان‭ ‬ويضمان‭ ‬معطفيهما‭ ‬نحو‭ ‬جسديهما‭. ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬تبدو‭ ‬كعالم‭ ‬دافئ‭ ‬بعيد‭. ‬

واذهب‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬إيريني،‭ ‬المطعم‭ ‬الفاخر‭ ‬بفندق‭ ‬سافوري‭. ‬إذ‭ ‬يتميز‭ ‬شاي‭ ‬الظهيرة‭ ‬لديه‭ ‬بالحداثة،‭ ‬يضبط‭ ‬ندله‭ ‬الأنيقون‭ ‬مؤقتات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬لإعداد‭ ‬الشاي،‭ ‬ولكن‭ ‬يطل‭ ‬على‭ ‬منظر‭ ‬خالد‭ ‬حيث‭ ‬يمتلئ‭ ‬ميدان‭ ‬بياتزا‭ ‬ديلا‭ ‬ريببليكا‭ ‬برواد‭ ‬المقاهي‭ ‬والأطفال‭ ‬مرتدي‭ ‬الأوشحة‭ ‬الذين‭ ‬يستجدون‭ ‬عطف‭ ‬ذويهم‭ ‬للسماح‭ ‬لهم‭ ‬بركوب‭ ‬دوار‭ ‬الخيل‭ ‬المصممة‭ ‬على‭ ‬الطراز‭ ‬الفيكتوري‭ ‬لامعة‭ ‬الإضاءة‭ ‬المجددة‭ ‬بشكل‭ ‬مبهرج‭. ‬يمكنك‭ ‬مغادرة‭ ‬فندق‭ ‬سافوري‭ ‬والسير‭ ‬أسفل‭ ‬رذاذ‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬المطر‭ ‬عبر‭ ‬الميدان‭ ‬حيث‭ ‬تنطلق‭ ‬الترانيم‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭: ‬تزور‭ ‬جوقة‭ ‬موسيقية‭ ‬المكان‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬الجامعات‭ ‬الكندية‭ ‬غامري‭ ‬المدينة‭ ‬بالأناشيد‭ ‬في‭ ‬طريقهم‭ ‬إلى‭ ‬كاتدرائية‭. ‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬احتفالات‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬فلورنسا‭ ‬مبكرًا‭ ‬اليوم‭. ‬

أمسية‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬

دائمًا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬أيام‭ ‬السبت‭ ‬محفوفة،‭ ‬بعد‭ ‬حلول‭ ‬المساء‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أطعمة‭ ‬العشاء‭ ‬والمشروبات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تناولها‭. ‬تسطع‭ ‬لافتة‭ ‬كبيرة‭ ‬تنص‭ ‬على‭ “‬50s‭ ‬Martini‭” (‬مارتيني‭ ‬من‭ ‬الخمسينيات‭) ‬بضوء‭ ‬أحمر‭ ‬أعلى‭ ‬شارع‭ ‬فيا‭ ‬روما‭ ‬بحلول‭ ‬الغسق‭. ‬خذ‭ ‬مظلتك‭ ‬واذهب‭ ‬للتنزه‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬6‭ ‬مساءً،‭ ‬حينما‭ ‬يبدأ‭ ‬الازدحام‭ ‬المروري‭ ‬في‭ ‬الانخفاض‭. ‬يحمص‭ ‬الأشخاص‭ ‬على‭ ‬طوال‭ ‬نهر‭ ‬أرنو‭ ‬الكستناء،‭ ‬المستخرج‭ ‬من‭ ‬تجاويف‭ ‬في‭ ‬التلال،‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشتمه‭ ‬المدينة‭ ‬بأكملها‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬خريفي‭ ‬رطب‭. ‬ومن‭ ‬التقاليد‭ ‬المتبعة‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬شراء‭ ‬حقيبة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مسيرة‭ ‬التنزه‭ ‬في‭ ‬فلورنسا،‭ ‬التنزه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬من‭ ‬المساء‭ ‬وسط‭ ‬المدينة‭. ‬

بعبور‭ ‬جانب‭ ‬أولترارنو،‭ ‬انظر‭ ‬خلفك‭ ‬عبر‭ ‬النهر‭ ‬وسترى‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬تبرز‭ ‬روح‭ ‬عصر‭ ‬النهضة‭ ‬مضاءة‭ ‬بأكملها‭. ‬يمتد‭ ‬برج‭ ‬بالاتزو‭ ‬فيكيو‭ ‬أعلى‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬وتنعكس‭ ‬نوافذ‭ ‬العرض‭ ‬الضخمة‭ ‬لمعرض‭ ‬أوفيزي‭ ‬على‭ ‬النهر‭ ‬باصطحاب‭ ‬آخر‭ ‬الزوار‭ ‬للخارج‭. ‬ويكسر‭ ‬سكون‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬مجذف‭ ‬وحيد‭ ‬يجذف‭ ‬بمركبه‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬أرنو‭ ‬المتدفق‭ ‬ببطء‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬عائدًا‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭. ‬

Florence cathedral

‭ ‬كاتدرائية‭ ‬سانتا‭ ‬ماريا‭ ‬ديل‭ ‬فيوري

هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬الترفيهية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بها،‭ ‬حيث‭ ‬يتعين‭ ‬أن‭ ‬تحاول‭ ‬فلورنسا‭ ‬بجد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬تحث‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭ ‬وفنادقهم‭ ‬الدافئة‭. ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر،‭ ‬تُقام‭ ‬فعاليات‭ ‬مهرجان‭ ‬فلورنسا‭ ‬للإبداع‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬حصن‭ ‬فورتيزا‭ ‬دا‭ ‬باسو‭ ‬المتين،‭ ‬الذي‭ ‬حمى‭ ‬جدران‭ ‬المدينة‭ ‬سابقًا‭.‬‭ ‬ويعج‭ ‬المهرجان‭ ‬بجميع‭ ‬أنواع‭ ‬الأنشطة‭ ‬تقريبًا‭: ‬الرسم‭ ‬أو‭ ‬الطباعة‭ ‬بالإستنسل،‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأشكال‭ ‬بالورق‭ ‬المعجن،‭ ‬تجليد‭ ‬الكتب،‭ ‬صنع‭ ‬سجلات‭ ‬الصور،‭ ‬تضريب‭ ‬اللحف‭. ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬فأنا‭ ‬مولع‭ ‬بالموسيقى،‭ ‬نوع‭ ‬الموسيقى‭ ‬الذي‭ ‬تجده‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬تياترو‭ ‬ديل‭ ‬سالي،‭ ‬وهو‭ ‬قاعة‭ ‬موسيقية‭ ‬بجوار‭ ‬ميدان‭ ‬بياتزا‭ ‬سانتا‭ ‬كروتشى‭. ‬وهو‭ ‬مفتوح‭ ‬معظم‭ ‬الليالي‭ ‬مقدمًا‭ ‬عشاء‭ ‬تتناول‭ ‬منه‭ ‬حسبما‭ ‬تريد،‭ ‬صواني‭ ‬من‭ ‬الأرز‭ ‬بالفطر‭ ‬البني،‭ ‬أطباق‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬الشمندر،‭ ‬من‭ ‬طاولات‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬حامل‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نبيذ‭ ‬توسكاني‭ ‬أساسي‭ ‬جيد‭. ‬قد‭ ‬يقدم‭ ‬العرض‭ ‬المسرحي‭ ‬مغني‭ ‬يودل‭ ‬سويسري‭ ‬أو‭ ‬ماريا‭ ‬كاسي،‭ ‬زوجة‭ ‬الراعي‭ ‬وهي‭ ‬مغنية‭ ‬ملاهٍ‭ ‬تتمتع‭ ‬بنطاق‭ ‬صوتي‭ ‬كامل‭ ‬بديع‭. ‬يمتاز‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬بالأجواء‭ ‬المرحة‭ ‬الصاخبة‭ ‬والمليئة‭ ‬بالسكان‭ ‬المحليين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يخلعون‭ ‬معاطفهم‭ ‬قط‭. ‬في‭ ‬آخر‭ ‬زيارة‭ ‬لي‭ ‬إلى‭ ‬هنا،‭ ‬كان‭ ‬بجواري‭ ‬سيدة‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى؛‭ ‬ملتف‭ ‬أسفل‭ ‬عباءتها‭ ‬أصغر‭ ‬كلب‭ ‬شاهدته‭ ‬والذي‭ ‬كانت‭ ‬تطعمه‭ ‬لقيمات‭ ‬شهية‭ ‬في‭ ‬طي‭ ‬الكتمان‭. ‬

سر‭ ‬بتمهل‭ ‬عائدًا‭ ‬إلى‭ ‬الوسط‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬شارع‭ ‬فيا‭ ‬جوزيبي‭ ‬فيردي،‭ ‬الربع‭ ‬البوهيمي،‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬مقاهي‭ ‬تتضمن‭ ‬بينوز‭ ‬ساندوتشيز‭ ‬وفيكتوريا‭ ‬لونج‭ ‬بار‭: ‬نوافذ‭ ‬متلألئة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬قليلًا‭ ‬من‭ ‬الليل‭. ‬ويقع‭ ‬على‭ ‬الجهة‭ ‬المقابلة‭ ‬من‭ ‬بينوز،‭ ‬متجر‭ ‬فليستروكي‭ ‬الصغير‭ ‬لبيع‭ ‬الباروكات‭ ‬المسرحية‭ ‬وخصل‭ ‬الشعر‭ ‬المستعار‭ ‬التجميلية‭. ‬لن‭ ‬تخمن‭ ‬قط‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬تأسيسه‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1720‭ ‬وهو‭ ‬أقدم‭ ‬متجر‭ ‬متواصل‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المدينة‭. ‬تشير‭ ‬لوحة‭ ‬على‭ ‬طابقه‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬وصول‭ ‬فيضان‭ ‬عام‭ ‬1966‭. ‬توقف‭ ‬متجر‭ ‬فليستروكي‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬إجازة‭ ‬لبضعة‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭. ‬

‭”‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أحبه‭ ‬بشأن‭ ‬فلورنسا‭. ‬فإنك‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التجول‭ ‬بعيدًا‭ ‬لمشاهدة‭ ‬مدينة‭ ‬أكثر‭ ‬غرابةً‭ ‬مما‭ ‬تجده‭ ‬الحشود‭ ‬حول‭ ‬ساحة‭ ‬بياتزا‭ ‬ديلا‭  ‬سنيوريا‭.” ‬بمجرد‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬مسرح‭ ‬تياترو‭ ‬ديل‭ ‬سالي،‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬متحف‭ ‬دانتي،‭ ‬صادفت‭ ‬المصلى‭ ‬الكنسي‭ ‬الصغير‭ ‬سان‭ ‬مارتينو‭ ‬فيسكوفو‭ ‬وكان‭ ‬مفتوحًا‭ ‬ومنارًا‭. ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬صندوق‭ ‬جمع‭ ‬صدقات‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬لتلقي‭ ‬أموال‭ ‬لمساعدة‭ ‬الفقراء‭ ‬كما‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬منذ‭ ‬قرون‭ (‬مزق‭ ‬القديس‭ ‬مارتن‭ ‬عباءته‭ ‬إلى‭ ‬جزأين‭ ‬لإلباس‭ ‬أحد‭ ‬المتسولين‭). ‬تجول‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬وستجد‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬أن‭ ‬اللوحة‭ ‬الجصية‭ ‬بارعة‭ ‬الجمال‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬تصور‭ ‬لك‭ ‬حياة‭ ‬القديس‭ ‬بأكملها‭. ‬

وبالاقتراب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الكاتدرائية،‭ ‬تبدأ‭ ‬نوافذ‭ ‬عروض‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬في‭ ‬الظهور‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬عيد‭ ‬الشكر،‭ ‬باعثة‭ ‬لروح‭ ‬الدعابة‭ ‬في‭ ‬المدينة‭: ‬تصور‭ ‬فينوس‭ ‬للرسام‭ ‬بوتيتشيلي‭ ‬في‭ ‬ثوب‭ ‬سهرة‭. ‬تعكس‭ ‬الأرصفة‭ ‬المبتلة‭ ‬الأضواء‭ ‬البيضاء‭ ‬ملتفة‭ ‬حول‭ ‬الشوارع‭ ‬الساكنة‭. ‬وتضفي‭ ‬المتاجر،‭ ‬مثل‭ ‬متجر‭ ‬ريناشنتي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقسام،‭ ‬أنهارًا‭ ‬من‭ ‬الأضواء‭ ‬المتعاقبة‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬الخارجي‭ ‬منها‭. ‬

وأخيرًا،‭ ‬تجول‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬كاتدرائية‭ ‬برونليسكي‭ ‬ومعموديتها‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬نسيان‭ ‬مشهد‭ ‬الرخام‭ ‬الأبيض‭ ‬والأخضر‭ ‬والوردي‭ ‬خاصتها‭ ‬المضاء‭ ‬بشكل‭ ‬مسرحي‭ ‬على‭ ‬سماء‭ ‬حالكة‭ ‬السواد،‭ ‬والذي‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬جمالًا‭ ‬في‭ ‬النهار‭. ‬

الخروج‭ ‬لتناول‭ ‬الغداء‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬

عند‭ ‬شروق‭ ‬شمس‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭. ‬امض‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭ ‬مثير‭ ‬للأشجان‭ ‬في‭ ‬سكينة‭ ‬بتناول‭ ‬غداء‭ ‬جيد‭ ‬وزيارة‭ ‬أفضل‭ ‬متاحف‭ ‬فلورنسا‭. ‬إن‭ ‬جاك‭ ‬بلَيس‭ ‬هو‭ ‬مكاني‭ ‬المفضل‭: ‬وهو‭ ‬فندق‭ ‬بوتيكي‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬بياتزا‭ ‬دي‭ ‬سانتا‭ ‬ماريا‭ ‬نوفيلا‭. ‬ستجد‭ ‬بداخله‭ ‬أرائكًا‭ ‬مريحة‭ ‬ومعطرات‭ ‬غرف‭ ‬وقاطني‭ ‬نيويورك‭ ‬الأثرياء،‭ ‬وأطباق‭ ‬الطعام‭ ‬المقدمة‭ ‬تكون‭ ‬عالمية‭ ‬مع‭ ‬لمسة‭ ‬توسكانية‭. ‬رأيتهم‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬يحشون‭ ‬ديكًا‭ ‬روميًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬للنزلاء‭ ‬الأمريكان‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الشكر،‭ ‬وقد‭ ‬ساعدت‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المزيج‭ ‬من‭ ‬القرع‭ ‬العسلي‭ ‬ودقيق‭ ‬الذرة‭ ‬يعتبر‭ ‬شائعًا‭ ‬في‭ ‬كلتا‭ ‬الثقافتين‭ ‬على‭ ‬نجاحه‭. ‬

أو‭ ‬ربما‭ ‬تشغل‭ ‬نفسك‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بتناول‭ ‬البروشيتا‭ ‬وزيت‭ ‬الزيتون‭ ‬البكر‭ ‬في‭ ‬مطعم‭ ‬تراتوريا‭ ‬13‭ ‬جوبي،‭ ‬في‭ ‬زقاق‭ ‬خلف‭ ‬المعهد‭ ‬الثقافي‭ ‬الفرنسي‭.  ‬حيث‭ ‬ستجد‭ ‬عددًا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬فلورنسا‭ ‬عن‭ ‬السياح‭. ‬فهو‭ ‬مكان‭ ‬صغير‭ ‬دافئ‭ ‬من‭ ‬القرميد‭ ‬المكشوف‭ ‬والزجاجات‭ ‬الفارغة‭ ‬المكدسة‭ ‬مثل‭ ‬الجوائز‭. ‬أو‭ ‬تناول‭ ‬طعام‭ ‬توسكاني‭ ‬كلاسيكي‭: ‬ربما‭ ‬معكرونة‭ ‬الاسباجيتي‭ ‬مع‭ ‬قنفذ‭ ‬البحر،‭ ‬أو‭ ‬لحم‭ ‬بقري‭ ‬مشوي‭ ‬مع‭ ‬بطاطس‭ ‬مشوية‭ ‬في‭ ‬الفرن‭. ‬يكون‭ ‬سكان‭ ‬فلورنسا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مزاجية‭ ‬مسترخية‭ ‬قبل‭ ‬التهافت‭ ‬الكثير‭ ‬للسياح‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭. ‬ترتدي‭ ‬النساء‭ ‬الفراء‭ ‬متبادلة‭ ‬القبلات‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬عند‭ ‬وصولهن‭ ‬من‭ ‬التسوق،‭ ‬ويتناقش‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬يرتدون‭ ‬معاطف‭ ‬داكنة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬أثناء‭ ‬تناول‭ ‬المشروبات‭ ‬ببطء‭ ‬شديد‭ ‬للغاية‭. ‬

إن‭ ‬معرض‭ ‬أوفيزي‭ ‬هو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬معارض‭ ‬الفن‭ ‬الأوروبي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تفوت‭ ‬زيارتها‭ ‬بالطبع،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تحب‭ ‬عصر‭ ‬النهضة‭. ‬وفي‭ ‬الصيف‭ ‬يكون‭ ‬مكتظًا‭ ‬بالأشخاص،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أمام‭ ‬لوحة‭ “‬ولادة‭ ‬فينوس‭” ‬لبوتيتشيلي،‭ ‬الإلهة‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بالسكينة‭ ‬طافية‭ ‬عند‭ ‬الشاطئ‭ ‬على‭ ‬صدفة‭ ‬أسقلوب‭ ‬عملاقة‭. ‬ولكن‭ ‬يكون‭ ‬شهرا‭ ‬نوفمبر‭ ‬وديسمبر‭ ‬من‭ ‬أهدأ‭ ‬شهرين‭ ‬وتكون‭ ‬أيام‭ ‬الأحد‭ ‬غير‭ ‬مزدحمة‭ ‬تمامًا‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬ستجد‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬الثاني‭ ‬لوحات‭ ‬سوفيتّي‭ ‬على‭ (‬الأسقف‭) ‬للنبلاء‭ ‬الأوربيين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هنري‭ ‬الثامن‭ ‬وآنا‭ ‬بولينا‭ ‬وماريا‭ ‬ستواردا‭. ‬

وربما‭ ‬قد‭ ‬تحب‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬ديفيد‭. ‬لقد‭ ‬رأيت‭ ‬نسخته‭ ‬خارج‭ ‬قصر‭ ‬بالاتزو‭ ‬فيكيو‭. ‬وعثرت‭ ‬على‭ ‬رسمته‭ ‬بالجرافيتي،‭ ‬بأسلوب‭ ‬بانكسي،‭ ‬مرتديًا‭ ‬سروالًا‭ ‬قصيرًا‭ ‬وتيشيرت‭ ‬مطبوعًا‭ ‬عليه‭ “‬I‭ ‬Love‭ ‬Florence‭” (‬أحب‭ ‬فلورنسا‭) ‬ممسكًا‭ ‬في‭ ‬يده‭ ‬بهاتف‭ ‬محمول‭. ‬الآن‭ ‬اعثر‭ ‬على‭ ‬التمثال‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬جاليريا‭ ‬ديل‭ ‬أكاديميا‭. ‬أولًا،‭ ‬اذهب‭ ‬في‭ ‬نزهة‭ ‬لطيفة‭ ‬مارًا‭ ‬بقصر‭ ‬بالاتزو‭ ‬ميدتشي‭ ‬ريكوردي‭ ‬وبالاتزو‭ ‬بارتولو‭ ‬كوربيني،‭ ‬تتحول‭ ‬الكرم‭ ‬حولهما‭ ‬إلى‭ ‬اللون‭ ‬الأحمر‭ ‬والأصفر‭ ‬بحلول‭ ‬أول‭ ‬بوادر‭ ‬صقيع‭ ‬على‭ ‬الجذور‭. ‬يوجد‭ ‬تمثال‭ ‬ديفيد‭ (‬1504‭) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مُقامًا‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬بياتزا‭ ‬ديلا‭ ‬سنيوريا‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬أكاديميا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1873‭. ‬فدائمًا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬مواجهة‭ ‬التمثال‭ ‬البالغ‭ ‬5‭ ‬أمتار‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬مثيرة‭ ‬حقًا،‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬سوى‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬إصبع‭ ‬قدمه‭ ‬الكبير‭ (‬يوجد‭ ‬على‭ ‬عارضة‭). ‬تكون‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التفاصيل‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬الرخام،‭ ‬حتى‭ ‬عروق‭ ‬يديه‭ ‬وقدميه،‭ ‬مذهلة‭ ‬أكثر‭ ‬حينما‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬مايكل‭ ‬أنجلو‭ ‬ظن‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مصممًا‭ ‬لصفوف‭ ‬سقف‭ ‬الكاتدرائية‭. ‬فقط‭ ‬الرب،‭ ‬والحمام‭ ‬الفضولي،‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬سيتعرفون‭ ‬على‭ ‬الجمال‭ ‬الفني‭ ‬الاستثنائي‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬يمكنك‭ ‬الذهاب‭ ‬إليه‭ ‬مباشرة‭ ‬ولكن‭ ‬بمفردك‭ ‬تمامًا‭. ‬

سيحن‭ ‬قريبًا‭ ‬موعد‭ ‬استقلال‭ ‬سيارة‭ ‬أجرة‭ ‬إلى‭ ‬المطار،‭ ‬لذا‭ ‬اخرج‭ ‬إلى‭ ‬ميدان‭ ‬بياتزا‭ ‬ديلا‭ ‬سانتيسيما‭ ‬أنونزياتا،‭ ‬عائدًا‭ ‬لإلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬أخيرة‭ ‬على‭ ‬الكاتدرائية‭. ‬في‭ ‬آخر‭ ‬زيارة‭ ‬قمت‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬معرض‭ ‬أكاديميا،‭ ‬خرجت‭ ‬لأجد‭ ‬أن‭ ‬المطر‭ ‬قد‭ ‬توقف‭ ‬عن‭ ‬الهطول‭ ‬تاركًا‭ ‬مشهدًا‭ ‬لأكثر‭ ‬قوس‭ ‬قزح‭ ‬اكتمالًا‭ ‬محدبًا‭ ‬على‭ ‬المدينة‭. ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬متعة‭ ‬موسم‭ ‬الركود‭ ‬في‭ ‬فلورنسا‭: ‬جميع‭ ‬الأضواء‭ ‬في‭ ‬الظلام‭ ‬والمفاجآت‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة،‭ ‬اللحظات‭ ‬البسيطة‭ ‬من‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬هادئة‭ ‬رائعة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬السياح‭.‬

أتفكر‭ ‬في‭ ‬السفر؟‭ ‬للحجز‭ ‬في‭ ‬رحلة،‭ ‬يُرجى‭ ‬الاتصال‭ ‬بالرقم 800 DNATA أو‭ ‬زيارة‭ ‬الموقع dnatatravel.com